إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
أسماء الله وصفاته
31531 مشاهدة print word pdf
line-top
إنكار المعتزلة قدرة الله على أفعال العباد

ثم إن المعتزلة أخرجوا عن قدرة الله تعالى أفعال العباد، وجعلوا أفعالهم منسوبة إليهم، وأنكروا أن يكون الله تعالى هو الذي خلق أفعالهم، وهذه يركزون عليها ويقررونها، يقررون قولهم: إن الله لم يخلق أفعال العباد؛ بل العباد هم الذين يخلقون أفعالهم، أو أن الله لا يقدر على أن يخلق أفعالهم؛ بل هم المستقلون بها، فهم الذين يباشرونها فهي تنسب إليهم، ولا تنسب إلى الله تعالى كما هو الواقع، فينكرون الأدلة التي تدل على أن الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، مثل قول الله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ قرأها بعضهم: إن الله لا يُهدَى من يضل من أضله الله تعالى فلا أحد يقدر على أن يهديه، وكذلك قول الله تعالى: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ دليل على أنه من على هؤلاء فهداهم فضلا منه ونعمة، وأنه الذي وفقهم وأعانهم حتى أقبلوا عليه وتقبلوا ما أمرهم به، وكذلك خذل الآخرين وأضلهم وصدهم عن الخير وصدهم عن الهدى، فكل ذلك خلقه، وكل ذلك تصرفه.
أنكر هؤلاء قدرة الله على أفعال العباد، وسموا ذلك عدلا، وقالوا: لو أن الله خلق الكفر والمعاصي والبدع في أهلها؛ ثم عاقبهم وعذبهم عليها؛ لكان ظالما لهم، فعلى هذا تنسب إليهم أفعالهم وليس لله قدرة عليهم أصلا، فجعلوا قدرة المخلوقين أقوى من قدرة الخالق، وقالوا: لو أراد الإنسان أن يعصي أو يذنب، وأراد الله أنه لا يعصي ولا يذنب، غلبت قدرة الإنسان قدرة الله، غلبت قدرة المخلوق قدرة الخالق.
ولا شك أن هذا تنقص، وادعوا أن الله تعالى يعصى قسرا، وأنه لا يقدر على أن يرد هؤلاء عن أهوائهم؛ ولأجل ذلك يسمى هؤلاء مجوس هذه الأمة؛ وذلك لأنهم بأقوالهم هذه وبتنقصهم لذلك أثبتوا مع الله خالقِين؛ أي: جعلوا كل إنسان يخلق أفعاله خيره وشره. لما كان المجوس يثبتون للعالم خالقَيْن -النور والظلمة- يقولون: إن النور هو الذي خلق الخير، والظلمة هي التي خلقت الشر؛ فأثبتوا خالقين، فهؤلاء يقولون: إنهم أثبتوا خالقين؛ حيث جعلوا كل إنسان يخلق فعله طاعة أو معصية. قد يقولون: إننا ننزه الله عن أن يعذب على ما خلقه، كيف خلق في هذا حركة الزنا ثم يعاقبه؟ وخلق في هذا حركة المسكر فسكر ثم يعاقبه؟ وغير ذلك؛ فيكونون بذلك -في زعمهم- أنهم ينزهون الله تعالى عن أن يعاقب على ما خلقه فيهم، وأوجده فيهم، هكذا ادعوا، فنقول: إنكم تنقصتم قدرة الله.
الله تعالى على كل شيء قدير، ولا يمكن أن يخرج أحد عن قدرته، ولا يمكن أن تكون قدرة المخلوقين أقوى من قدرة الخالق، ولا يمكن أن يعصى قسرا؛ يعني: بدون رضاه، فإن في ذلك تنقصا له وهكذا.
ثم قد يستدلون ببعض الأدلة التي فيها نسبة الأفعال إلى المخلوقات مثل قوله تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ والجواب أن نقول: إن هذا حق؛ ولكن هذه المشيئة مرتبطة بمشيئة الله تعالى؛ ولأجل ذلك يذكر الله أن مشيئتهم مسبوقة بمشيئة الخالق، وقدرتهم مسبوقة بقدرة الخالق؛ فالله تعالى خالقهم وخالق أفعالهم.

line-bottom